- هذا الموضوع فارغ.
- الكاتبالمشاركات
- مارس 24, 2021 الساعة 3:03 م #14860admin adminمدير عام
تخفيف الإزدحام السكّاني في المدن، الإنتقال إلى مناطق أخرى، تنمية المناطق المحرومة، السماح للتدفق االقتصادي بالإنتشار في جميع المناطق اللبنانيّة لإفادة كل منها، إشراك كل مواطن باستثمار مضمون من الدولة، التعاون في تشييد بنية تحتية موحدة بإمتياز. هذا هو الإطار الذي تتمثل فيه فكرة شبكة السكك الحديديّة. تشكل شبكة حديثة للسكك الحديديّة نتيجة منطقية لسياسة تنموية اقتصادية. يهجر السكّان، ولسبب وجيه، القرى والمناطق النائية ليتجمّعوا حول المدن، أو بالأحرى، في مدينة بيروت. ينتج عن ذلك إفقار للمناطق وتضخم مستشر في العاصمة، ينعكس، كما بتأثير حلقة مفرغة، على هذه المناطق نفسها ليزيد أيضا من ضعف القدرة الشرائية عند أولئك الذين لم يغادروها. هنا أيضا، المجال مفتوح أمام مشروع موحد قادر على إطلاق إشارة صارخة باتجاه اللامركزيّة المستدامة. مشروع يضمن في الوقت نفسه تطور االقتصاد، في وقت كان ذلك آخر ما نتوقعه: في المناطق التي تركت بورا منذ بداية استقلالنا.
تتمتع شبكة سكك حديدية بفضائل أخرى، ففي ساعات الذروة، نضّيع كل يوم اكثر من ساعة للإنتقال من الرابية إلى بيروت، وأكثر من ساعتين لبلوغ لعاصمة انطالقا ًمن جبيل وضواحيها، وأكثر من ساعتين للوصول إلى صور انطلاقاً من بيروت. إنّ كلفة النقل باهظة جدّا إذا ما احتسبنا إستهلاك الوقود ووسائل التنقل وخصوصا الوقت الضائع على الطريق أثناء التنقل.
من ناحية أخرى، لن يستغرق الإنتقال من طرابلس أو من صور إلى بيروت سوى عشرين دقيقة بالقطار السريع. إنّ الإعتياد على إستخدام القطار يولّد ممارسة اقتصادية جديدة بنتائج هائلة: انتقال المؤسسات التجارية والناس.
يستحيل اليوم على زوجين شابين يعملان بدخل محدود، بناء أسرة في العاصمة نظرا لأسعار العقارات الباهظة. أمّا نظرا للمسافات القصيرة، فالقطار يلغي عامل مكان السكن وتتمكّن الأسر ذات الدخل المتوسط من الإنتقال إلى مناطق أبعد، غالبا ما تكون أكثر حميميّة وبالأخص، أكثر توفيراً. يصبح بالإمكان الحصول على منزل لائق في مكان بعيد، دون الإضطرار إلى تغيير نمط العيش أو إلى تغيير نمط العيش أو إلى تغيير العمل.
كذلك، لا تضطّر المؤسّسات للإنضمام إلى الموانئ وشبكات التوزيع الكبرى لتبقى قادرة على المنافسة، فهي وبتمركزها في مناطق كان الوصول إليها متعذّرا في السابق وكانت قديما غير قابلة للحياة من الناحية الإقتصاديّة في السابق وكانت قديما الوصول إليها متعذرا االقتصادية، تساهم بتحسين مردودها. فهي ستخلي بشكل خاص الساحل الذي يمكن اعادة تأهيله في مشاريع تنموية أكثر انسجاما مع الخصائص والمزايا الطبيعية لبلدنا.
على سبيل المثال، تقع أجمل منطقة بحرية في لبنان على الأرجح من جهة البترون وشكا. قررت الدولة جعلها منطقة صناعية، فقط، لتسهيل النقل الإقتصادي للسلع والبضائع. إن شبكة للسكك الحديدية تلغي هذه الحالة الشاذة، وتحمي جمال ساحلنا، وتضمن نقل البضائع بنفس الفعالية مع مزيد من التوفير وتؤمن مردودا إقتصاديّا أكبر وتشجع على انتقال المصانع داخل الأراضي اللبنانيّة. فكّروا بجميع المصانع والمحطات الكهربائية التي تشوه ساحلنا، وتلتصق عند أبواب المدن والعاصمة، وتسد المداخل.
يكفي إنشاء خط سريع للسكك الحديدية على طول الساحل، يربط بين الشمال والجنوب. تكتمل هذه الشبكة بالطرق السريعة (الأوتوسترادات) التي تربط المناطق الحدودية البعيدة بمحطات القطار. تضاف إليها محطات ركن السيارات لتسهيل حركة الناس.
أفضل من ذلك، فإن حفر نفق مزدوج لتسيير القطار والسيارات تحت جبل صنين، يحسن شبكة السكك الحديدية في اتجاه البقاع والهرمل، ويتيح الإنتقال الصناعيّ إلى أبعد المناطق، إذاً إلى المناطق الأوفر اقتصاديا في البلاد، بما يعزّز في الوقت نفسه نموها وعودة سكانها اليها وتوزيعاً أفضل للثروات الوطنيّة. هل يمكننا أن نحلم بمشروع اكثر توحيدا؟
خطط حفر النفق موجودة مسبقا، أمّا خطّة السكك الحديديّة فليس بعد. لا ننتظر الّا الرأي العام لممارسة الضغط. ال ننتظر الّا المجموعة المؤثرة المدنية واللّا سياسية “الميم”.
كما هي الحال بالنسبة لمشاريع الطاقة الكهرومائية والشمسيّة، يمكن تمويل شبكة للسكك الحديديّة من خلال شركات مختلطة عامة/خاصة، فيصبح المواطن مهتما وبشكل مباشر، بمشروع انمائي ومستدام ومربح بإمتياز. مواطنون من كل الطوائف والأحزاب والمعتقدات يصبحون شركاء في مشروع توحيدي يبشر بالإنماء. هل يمكننا أن نقوم بأفضل من ذلك حيال ضمير جماعي ووطني؟ مع شبكة للسكك الحديدية، يضاف هدف استراتيجي جديد يشكل دعامة هامة للخطة الخمسية الكهرومائية.
بعد الماء والهواء والأرض، ها إن دور الإنسان يأتي وتأتي معه أولوية التعليم والتثقيف المدني.
- الكاتبالمشاركات
- يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.