التحوّل الرّقمي يضع الإدارة أمام إشكاليّاتها العميقة
  • هذا الموضوع فارغ.
المعاينة 0 الرد المواضيع
  • الكاتب
    المشاركات
    • #17311
      Hana Hajj
      مدير عام

      تُعتبر الحكومة الإلكترونية بمثابة التطوّر الحتمي في القطاع العامّ، وهي عبارة عن نظام حديث مبني على استخدام شبكة الإنترنت لربط مؤسّسات الدولة بعضها ببعض من جهة وبالجمهور من جهة ثانية، وتحويل وظائف المؤسّسات العامة، وعمليّاتها، وخدماتها كافّة لتتمّ بطريقة إلكترونية. 

      استراتيجيات التحوّل الرقمي

      حفل عاما 2018 و2019 بنشاطات حكومية عديدة مرتبطة بالتحوّل الرقمي الذي وُضع ضمن أولويّات البيان الوزاري لحكومة سعد الحريري (2019) وشكّل رئيس الحكومة لجنة وزارية تضم الوزارات والمؤسّسات العامّة المعنية بالملفّ لتنسيق العمل فيما بينها والاتفاق على حوكمة مسار التحوّل الرقمي.

      أوّلاً، طوّر مكتب وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية OMSAR استراتيجية التحوّل الرقمي الشاملة، ثانياً، استُحدثت وزارة الدولة لشؤون التكنولوجيا والاستثمار وكلّفت بتطوير استراتيجية التحوّل الرقمي في القطاع الخاص والاقتصاد، ثالثاً، شُكّل فريق وطني من مختلف الوزارات والقطاعات الاقتصادية والهيئات الأمنية والعسكرية لوضع خطّة لمواجهة مخاطر جرائم المعلوماتية وإعداد استراتيجية وطنية لمأسَسة عمل الأمن السيبراني.

      أسس الاستراتيجية

      اقتراحها حوكمة إدارة التحوّل الرقمي على ثلاثة مستويات: مستوى المسؤولية الاستراتيجية (STRATEGY) التي يتشاركها أعضاء لجنة وزارية، مستوى مسؤولية تطوير أو بناء قطع الحلول (building blocks) التكنولوجية (BUILD) والتي ستوزّع مسؤوليّتها على مؤسّسات عامّة مختلفة بحسب قدرتها على تطويرها، وأخيراً مسؤولية التشغيل للحلول التكنولوجية (OPERATE) وستوزّع هذه المسؤولية على مختلف المؤسّسات المسؤولة عن تقديم الخدمة المعيّنة.

      تلتزم الاستراتيجية أوّلاً بمبدأ الحكومة المفتوحة أي التي تتيح الوصول إلى المعلومات كافّة بشكلٍ شفّاف، وثانياً بمبدأ الأمان من خلال التزام كافة الحلول التكنولوجية بأعلى عوامل الأمان بشكل تلقائي (by default)، وأخيراً بمبدأ الجهوزية وإدارة المخاطر لتأمين استمرارية الأعمال.

      وتُرجمت هذه الاستراتيجية إلى 80 مشروعاً تمّ الرصد المبدئي للموارد المالية لها من خلال منح من البنك الدولي بقيمة تتراوح بين 60 و100 مليون دولار. من بين هذه المشاريع، مشروع إعادة تطوير موقع “دولتي” الإلكتروني ليصبح البوّابة المشتركة للحكومة الإلكترونية العتيدة، حيث تقوم مؤسّسات الدولة كافّة بدمج خدماتها الإلكترونية عليها من خلال واجهات برمجة تطبيقات (API).

      رسم بياني لحوكمة إدارة التحوّل الرقمي التي تمّ الاتفاق عليها من قبل رئاسة الوزراء، OMSAR، ومكتب وزير الدولة للاستثمار والتكنولوجيا

      يضع هذا الموقع في تصرّف المؤسّسات عدداً من الخدمات التكنولوجية الأساسية:

      تكنولوجيا المصادقة على الهوية، الفوترة الإلكترونية، الدفع الإلكتروني، منصّة قابلية التبادل المعلوماتي (interoperability platform)، المعاملات الإلكترونية، وتطبيق إلكتروني لتتبّع سير العمليات.

      تنفيذ التبادل الإلكتروني للبيانات وإمكانية التشغيل البيني بين إدارات الدولة من أجل تقليل الازدواجية في جمع المعلومات نفسها ومعالجتها في حالات متعدّدة وتقليل عدد الخطوات والتكلفة المرتبطة بالتفاعل بين مجتمع الأعمال والدولة وضمان صحّة البيانات ودقّتها والحدّ من الاحتيال وتقليل تكرار البيانات وأخيراً تعزيز الشفافية على غرار السجّل التجاري الذي يتيح بياناته للجميع على الإنترنت.

      تحدّيات التحوّل الرقمي

      حلّ لبنان في المرتبة 127 من أصل 193 دولة عالمياً وبمؤشر 0.4955 لتنمية الحكومة الإلكترونية، وحلّ في المرتبة 148 عالمياً وبمؤشر 0.333 بالنسبة للمشاركة الإلكترونية، أي أدنى من المعدل العالمي ومعدل منطقة غرب آسيا التي ينتمي إليها في كلتا الحالتين. وإذ يبدو من الصعب تقييم هذا المسار بالتفصيل أو استخلاص كافّة العبر من التجارب السابقة، تسهم العودة إلى هذا المسار في إبراز ثلاثة تحدّيات أساسية أمام التحوّل الرقمي للإدارة في لبنان.

      إنّ كمّ الموارد المالية الذي سبق وأنفق على مشاريع الحكومة الإلكترونية في لبنان – ويقدّرها بمئات ملايين الدولارات – كان كافياً لتجهيز حكومات إلكترونية. إنّ شراء الحواسيب لكلّ إدارة كان يتمّ من خلال باب “اللوازم الأخرى” في الموازنة أي مع مواد التنظيف والمازوت. لكن الأخطر من ذلك هو استحالة التوصّل إلى تحديد الأرقام التي صُرفت على المكننة (automation) في وزارة الاتصالات نظراً إلى ضخامتها، بسبب السرّية التي تحيط بملفّات شركتَي “ميك1″ و”ميك2” المشغّلتين للخليوي في لبنان، على الرغم من أنّ تجهيز الجيل الثالث والرابع لشبكات الخليوي والألياف البصرية حصل كلّه من المال العام. امّا بالنسبة إلى عدم التمكّن من تحديد كم أنفقت وزارة التربية على المكننة، فإنّ جزءاً من المال مرتبط بهبات وجزءاً آخر بالمنح.

      ضعف التنسيق والفعالية في الحوكمة

      من أهمّ تحدّيات التقدّم في مجال الحكومة الإلكترونية يكمن في عدم توكيل أيّ جهة بإدارة ملف التحوّل الرقمي بشكل يسمح لها بفرض التزام الإدارات الأخرى بالمقرّرات أو فرض التنسيق معها في مشاريع المكننة. يصطدم التحوّل الرقمي في الإدارة اللبنانية إذاً بإشكاليات دستورية وسياسية حول الجهة الصالحة بإدارة ملف الحكومة الإلكترونية وتمركز القرار لديها، بعد إناطة دستور الطائف السلطة الإجرائية بمجلس الوزراء مجتمعاً.

      المرفقات:
      You must be logged in to view attached files.
المعاينة 0 الرد المواضيع
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

CONTACT US

We're not around right now. But you can send us an email and we'll get back to you, asap.

Sending

Log in with your credentials

or    

Forgot your details?

Create Account