الأخلاق واللّقاح

الوسوم: 

المعاينة 2 الرد المواضيع
  • الكاتب
    المشاركات
    • #14866
      admin admin
      مدير عام

      هل يمكن إلزام أي فرد بأخذ اللقاح، أي لقاح وليس بالتحديد لقاح كوفيد-19، وهل يمكن تطعيمه رغم رفضه وتمسكه بحريته الشخصية وبحرية أخذ القرار، خصوصا اذا ما كان الوباء المزمع محاربته لا يزول إلا بتطعيم الجميع، وإلا سيكون الأمر مضيعة للوقت، فغير المطعمين سيعيدون نشر الفيروس من جديد؟

      أسئلة المعترضين؟

      هذه الأسئلة المثارة اليوم على مستوى العالم تأتي بعدما قرر عدد غير قليل من مواطني دول العالم المتقدمة والنامية، عدم أخذ لقاح كورونا، لأسباب كثيرة تقوم على مبدأ “نظرية المؤامرة”، أي اللقاح ليس مجرد علاج لوباء كورونا بل هو يحمل في طياته الكثير من المقاصد “الشريرة” بحسب هؤلاء المعترضين، أما عن نظرية المؤامرة خاصتهم فليس هنا محل عرضها. والمعترضون في جميع أنحاء العالم ليسوا أفراد فقط، بل وأسسوا جمعيات وجماعات منظّمة ليس لرفض اللقاح فقط بل لإقناع الآخرين بعدم أخذه ولنشر الفضائح عنه. وقد قاموا بتظاهرات في الولايات المتحدة وفي عدد من الدول الأوروبية رفضا للقاح، بعدما رفضوا وجود وباء كورونا من الأصل معتبرين أنه مجرد مؤامرة كونية ذات أهداف مختلفة.

      هذه الاعتراضات دفعت المؤسسات الحقوقية وجمعيات حقوق الإنسان والمؤسسات الحكومية الرسمية والمؤسسات الدينية إلى طرح أسئلة كثيرة سًميت “أخلاقيات اللقاح”، وجلّها يدور حول إمكانية إجبار كل شخص على تناول اللقاح، وعن مدى مخالفة هذا الإجبار مبدأ الحرية الفردية والحرية الشخصية في اتخاذ القرار، خصوصا قرار الفرد في ما يتعلق بجسده نفسه، أو مخالفتها لمعتقدات دينية أو فلسفية معينة. فمن المؤكد أنه يمكن للوائح وتنظيمات الصحة العامة الإجبارية المتعلّقة باللقاح أن تنتهك استقلالية الفرد وحريته.

      الإقناع والإجبار والموافقة المستنيرة

      في بعض الحالات تسمح الجهات الحكومية والسلطات المحلية بالإعفاء من التطعيم في انظمة تلقيح المدارس مثلا، لموانع طبية، كأن لا يتناسب اللقاح مع أمراض أخرى تصيب التلامذة عادة في الدول الفقيرة كالملاريا والسل ونقص المناعة. وهناك الإعفاءات لمنع المواجهة مع المعتقدات الدينية والفلسفية، ولكن هذه غالبا ما تكون في الحالات التي يكون فيها عدم التطعيم يؤثر في الفرد نفسه من دون غيره من أعضاء الجماعة.

      في المقابل هناك جهد إضافي باتت تقوم به المؤسسات الصحية على مستوى العالم، سواء على مستوى الدعاية أو الإعلام أو التواصل المباشر لثنيّ الرافضين عن رفضهم عبر إقناعهم بأهمية اللقاح للحفاظ على حياتهم وصحتهم ومن حولهم من أولادهم وأقاربهم، وبإقناعهم بأنه لا يخالف أي معتقدات ولا يجعلهم مذنبين على أي مستوى.

      أما على مستوى الحرية الفردية فالإقناع يتناول “العقد الإجتماعي”، أي أن حرية الفرد تنتهي عند حدود حرية الآخرين، وأن عدم التطعيم كحرية فردية سيؤدي إلى إصابة آخرين بالمرض ولو كانوا قد تناولوا اللقاح. لا تنجح هذه المحاولات في جميع الحالات لكنها لا تزال ذات أثر مجدي. أما في الدول التوتاليتارية، كالصين وروسيا مثلا، فالأمر لا يشكّل أي مشكلة البتة، فالجميع مجبر على الالتزام بقرارات السلطات تحت طائلة العقوبات القاسية.

      بعض الجهات الحكومية تستخدم قوانين تسمى على مستوى العالم ب”الموافقة المستنيرة المسبقة”. وهي تعني أن طلب موافقة مسبقة أمر أخلاقي ومناسب، والهدف منها أن يصبح الآباء والأفراد على دراية أفضل بشأن التطعيمات، ولديهم الوقت الكافي لطرح الأسئلة إذا لزم الأمر. المعارضون للموافقة المسبقة يرون أن إجراءات الموافقة الكتابية المنظّمة قد تضيف خوفًا أو قلقًا لا داعي له من عملية التطعيم.

      أخلاقيات إيصال اللقاح

      في القضايا الأخلاقية التي تتعلق باللقاح هناك قضية الوصول أيضا، أي لمن يصل اللقاح أولا، أو لمن يصل أولا وأخيرا في حال كانت أعداد اللقاحات أقل من المطلوب. والسؤال هو، هل جميع البشر متساوون أمام اللقاح؟ وهل وصول اللقاح إلى الجميع أمر أخلاقي أم هو من الطبيعة التنافسية لدى البشر أو يدخل في إطار “الصراع من أجل البقاء”، نظرية داروين التي يعتبر فيها أن هذا الصراع هو الذي أوصل البشر إلى ما هم عليه بسبب “الانتقاء الطبيعي”.

      في حالات كثيرة يعود نقص التطعيم إلى قلة عدد منتجي وموردي اللقاحات. بسبب المسؤولية القانونية والتكاليف والوقت والبيئة السياسية والدينية. وهذا ما يضع مقدمي الخدمات الطبية أمام موقف صعب لاتخاذ قرارات بشأن من يجب حمايتهم، ومن يجب أن يترك لنظام الاصطفاء الطبيعي، وهؤلاء من الدول الفقيرة عموما، أو من الفقراء داخل الدولة أو من الأقليات العرقية المنبوذين داخل الدولة، وقد حدث هذا الأمر في عدد غير قليل من الدول الأفريقية خلال فترات مختلفة من الأوبئة. بعض الدول، كي تتفادى مثل هذه الحالات تلجأ إلى ما يسمى بمناعة القطيع، أي يترك الجميع عرضة للمرض معتمدين على نظرية البقاء للأقوى، وهذا ما يؤسس لجيل يمتلك مناعة طبيعية تجاه مرض معين، بعدما يموت بسببه عدد كبير ممن لم يتمكنوا من مقاومته. أما في الدول الغنية والمصنّعة للقاح، فهذه المشكلة تأتي في أسفل لائحة أخلاقيات اللقاح، التي تقبع موضوعة الحرية الشخصية في أعلاها.

      ففي الدول النامية هناك مخاطر من العدوى المعطلة أو القاتلة، التي تسمى “أمراض الفقر”، مثل السل والملاريا والأنفلونزا القاتلة على أنواعها ومرض نقص المناعة. على الرغم من أن اللقاحات يمكن أن تساعد في منع بعض هذه الأمراض، إلا أن تصنيع اللقاح يتخلّف عن الاحتياجات الصحية المجتمعية. مما يزيد في التعقيد، أن الأماكن المصابة بأمراض الفقر غالبا ما تفتقر إلى البنية التحتية لدعم التطعيم على نطاق واسع.

      وصف علماء الصحة والطب التطعيم بأنه واحد من أرقى الإنجازات العشرة للصحة العامة في القرن العشرين. ومع ذلك فمعارضة التطعيم موجودة طيلة وجود التطعيم نفسه. ورغم تبدل الأزمنة وتطور العلوم الطبية في جميع أنحاء العالم، فإن العواطف والمعتقدات عميقة التأصل سواء الفلسفية، أو السياسية، أو الروحية التي تدعم المعارضة للقاحات لا تزال مستمرة نسبيا منذ أن قام إدوارد جينر بتقديم التطعيم لأول مرة.

    • #15119
      zeinab alayan
      مشارك

        tes

      • #15120
        zeinab alayan
        مشارك

        حالات كثيرة يعود نقص التطعيم إلى قلة عدد منتجي وموردي اللقاحات. بسبب المسؤولية القانونية والتكاليف والوقت والبيئة السياسية والدينية. وهذا ما يضع مقدمي الخدمات الطبية أمام موقف صعب لاتخاذ قرارات بشأن من يجب حمايتهم، ومن يجب أن يترك لنظام الاصطفاء الطبيعي، وهؤلاء من الدول الفقيرة عموما، أو من الفقراء داخل الدولة أو من الأقليات العرقية المنبوذين داخل الدولة، وقد حدث هذا الأمر في عدد غير قليل من الدول الأفريقية خلال فترات مختلفة من الأوبئة. بعض الدول، كي تتفادى مثل هذه الحالات تلجأ إلى ما يسمى بمناعة القطيع، أي يترك الجميع عرضة للمرض معتمدين على نظرية البقاء للأقوى، وهذا ما يؤسس لجيل يمتلك مناعة طبيعية تجاه مرض معين، بعدما يموت بسببه عدد كبير ممن لم يتمكنوا من مقاومته. أما في الدول الغنية والمصنّعة للقاح، فهذه المشكلة تأتي في أسفل لائحة أخلاقيات اللقاح، التي تقبع موضوعة الحرية الشخصية في أعلاها.

        المرفقات:
        You must be logged in to view attached files.
    المعاينة 2 الرد المواضيع
    • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

    CONTACT US

    We're not around right now. But you can send us an email and we'll get back to you, asap.

    Sending

    Log in with your credentials

    or    

    Forgot your details?

    Create Account