الدولار الجمركي تلاعب على القانون من أجل استحداث قانون
  • هذا الموضوع فارغ.
المعاينة 0 الرد المواضيع
  • الكاتب
    المشاركات
    • #17720
      Hana Hajj
      مدير عام

      المطالبة بتعديل القانون الجمركي لا يسري مفعوله لصالح المواطن في لبنان، لأنه سيزيد من الأعباء على كاهل المواطن، إلا أن لا أحد من المسؤولين الذين يهتمون بزيادة الضرائب والاسعار والجمارك يهتم بمصلحة الشعب بل بمصلحة الأعمال التي تصب في نهاية المطاف في مؤسساتهم.

      وبهذا الخصوص، وجه رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي في 17/8/2022 كتابا إلى وزير المالية طلب منه “إجراء ما يلزم واتخاذ القرارات المناسبة لاعتماد الطرق الكفيلة التي تجيزها الأحكام القانونية المرعية الإجراء، لا سيما قانون النقد والتسليف (المادة 229 منه) في سبيل تحديد سعر الدولار الجمركي”. وقد جاء هذا الكتاب بعد الاجتماع الذي عقده الوزراء في السراي الكبير واتفقوا خلاله على تحديد سعر الدولار من أجل احتساب قيمة البضائع الواجب التصريح بها للجمارك بقية 20000 ليرة.

      وكان  رئيس الجمهورية قد سبق له وأن رد مشروع المرسوم الذي أعدته وزارة المالية رافضا منحه الموافقة الاستثنائية معتبرا أنه “لا يجوز رفع الرسم فوراً بهذه النسبة العالية، في ظلّ عدم وضوح نتائجه الإيجابيّة على الخزينة من جهة، والتثبّت من نتائجه الكارثيّة على عائلاتٍ كثيرة ستُحرم من مواد كثيرة سيشملها المرسوم المُعَدّ، ما سيزيد من الفوارق الاجتماعيّة بين اللبنانيّين” وفقا لما جاء في كتاب رئاسة الجمهورية تاريخ 3/8/2022.

      ولا شك أن كتاب رئيس الحكومة يعتبر تطورا خطيرا لا بد من تفنيده من الناحية القانونية من خلال معالجة أولا مسألة صلاحية تعديل التعرفة الجمركية بمرسوم، وثانيا صلاحية وزير المال المنصوص عليها في المادة 229 من قانون النقد والتسليف.

      أولا: التشريع بمراسيم في الحقل الجمركي

      تعتبر التعرفة الجمركية من الأمور التي تدخل ضمن فئة الضرائب والرسوم التي فرض الدستور في المادة 81 منه ضرورة تحديدها من قبل السلطة التشريعية، أي بموجب قانون يقره مجلس النواب، وبالتالي لا يحق في المبدأ للسلطة التنفيذية أن تتخذ مراسيم تؤدي إلى تعديل التعرفة الجمركية كون ذلك يخرج عن صلاحياتها بموجب نص دستوري صريح.

      لكن لبنان اعتمد منذ 1950 وسيلة مختلفة من أجل تحديد التعرفة الجمركية قوامها إقرار مجلس النواب لقانون يمنح بموجبه للحكومة لفترة زمنية محددة صلاحية التشريع في الحقل الجمركي. وقد جاء هذا الحلّ في ظل الظروف التي كانت سائدة حينها بسبب القطيعة الاقتصادية بين لبنان وسوريا وما رافق ذلك من نهاية للوحدة الجمركية التي كانت قائمة بين البلدين خلال الانتداب الفرنسي. تبعا لذلك، فقد المجلس الأعلى للمصالح المشتركة[1]، الذي كان يضم ممثلين عن الحكومتين اللبنانية والسورية، صلاحياته بخصوص “مصلحة الجمارك” التي كانت تخضع له بموجب الاتفاق المعقود بين لبنان وسوريا في دمشق بتاريخ 22 كانون الأول 1943 والذي تم تكريسه بالمرسوم الاشتراعي رقم 1 تاريخ 16 اذار 1944.

      وبالفعل، صوت مجلس النواب بناء على طلب من الحكومة على قانون صدر في 17 تشرين الأول 1950 نص في مادته الأولى على التالي: “تعطى الحكومة خلال مدة تنتهي في آخر حزيران سنة 1951 صلاحية التشريع في الحقل الجمركي بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء ولها أن تفوض بهذه الصلاحيات أو بعضها المجلس الأعلى للجمارك”.

      وهكذا منذ ذلك التاريخ، بات يتمّ تجديد هذا التفويض دوريا. فقد صدرت عشرات القوانين المشابهة كان أخرها القانون رقم 93 تاريخ 10 تشرين الأول 2018 والذي منح الحكومة لمدة خمس سنوات “حقّ التشريع في الحقل الجمركي بمراسيم تتّخذ في مجلس الوزراء”. لا بل أن القانون سمح أيضا للحكومة فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية أن تنيب المجلس الأعلى للجمارك في ممارسة هذه الحق.

      لا شكّ أن طبيعة التعرفة الجمركية، التي تتطلب السرّية وفرضها بشكل سريع ومباشر، هي التي أرغمت مجلس النواب على الاستمرار بتفويض صلاحيات مالية تدخل في صلب اختصاصه التشريعي. وقد أصبح منح الحكومة صلاحيات في الحقل الجمركي الاستثناء الوحيد بعد 1990 طالما أن رئيس مجلس النواب نبيه برّي بات يصرّ على أنّ تفويض الحكومة صلاحيّة إصدار مراسيم اشتراعية هو أمر مخالف للدستور على الرغم من أنّ ذلك كان ممارسة مألوفة عرفها لبنان منذ 1929 ولم تتوقّف إلا بعد اتفاق الطّائف باستثناء الحقل الجمركي. وكانت الحكومة تمارس أحيانا هذا الحق مباشرة عبر تعديل التعرفة الجمركية عملا بقانون التفويض، أو كانت تمنح المجلس الأعلى للجمارك هذه الصلاحية كونه يتمكن من اتخاذ قرارات سريعة تضمن في المبدأ عدم معرفة التجار المسبقة بها، ما يعزز المنافسة ويمنع تحقيق الأرباح غير المشروعة عبر المضاربة وتخزين البضائع لبيعها لاحقاً عندما ترتفع التعرفة.

      وغالباً ما كانت الحكومة تنيب المجلس الأعلى كي يمارس هذه الصلاحية. لا بل أنّ هذا الأمر بات تدبيراً مألوفاً على مرّ السّنوات يتمّ تجديده دورياً. وقد صدر آخر مرسوم في هذا الخصوص في سنة 2015 عندما تمّ منح المجلس الأعلى للجمارك حقّ التشريع في الحقل الجمركيّ في ما يتعلق بالتعريفات الجمركية (المرسوم[2] رقم 1422 تاريخ 4 شباط 2015).

      وإذا كان آخر قانون تفويض قد صدر سنة 2018- كما ذكرنا أعلاه- لكن ذلك لم يقترن هذه المرة بصدور مرسوم ينيب المجلس الأعلى للجمارك، لا بل نلاحظ أنّ الحكومة مارست هذه الصلاحية مباشرة أكثر من مرة كما حصل مثلا مع المرسوم رقم 8910 تاريخ 4/3/2022 القاضي بإعفاء الإرساليات الواردة لصالح جمعية الصليب الأحمر اللبناني من الرسوم الجمركية، كذلك المراسيم المتعدّدة التي صدرتْ بإعفاء المستلزمات والمعدات الطبية والإستشفائية والمخبرية المنحصر استعمالها بالوقاية من فيروس كورونا ومعالجة حالات الاصابة به من الرسوم الجمركية، علما أن بعض هذه المراسيم اتخذت عملا بآلية الموافقات الاستثنائية كون الحكومة كانت مستقيلة.

      وهكذا يتبين لنا أن التشريع في الحقل الجمركيّ هي صلاحية فوّضها مجلس النواب إلى الحكومة التي يتوجّب عليها أن تجتمع في جلسة لمجلس الوزراء من أجل اقرار أي تعديل يتعلق بما بات يعرف بالدولار الجمركيّ. وبما أن الحكومة مستقيلة، حاول وزير المالية بطلب من رئيس الحكومة إقرار الدولار الجمركي عبر إصدار موافقة استثنائية تحلّ محلّ موافقة مجلس الوزراء. لكن رفض رئيس الجمهوريّة لهذا الأمر، بغضّ النظر عن أحقيّته، يُعيد تذكيرنا باعتباطيّة الممارسات غير الدستورية التي باتتْ تنتهجها الحكومات المستقيلة وقوامها توقفها عن الانعقاد واتخاذ قراراتها من خلال آليّة الموافقات الاستثنائية ويدفعنا لمعالجة النقطة الثانية من بحثنا حول صلاحيّة وزير الماليّة المنصوص عليها في قانون النقد والتسليف.

      ثانيا: المادة 229 من قانون النقد والتسليف

      منحت المادة 229 من قانون النقد والتسليف وزير المالية تحديد سعر انتقالي قانوني لليرة اللبنانية. وقد أشارت في فقرتها الربعة على التالي: “تحسب على أساس السعر الانتقالي القانوني الضرائب والرسوم التي تُستوفى عن المبالغ المحرّرة بالعملات الأجنبية والتي تحسب حالياً على أساس السعر المحدّد بالمادة الأولى من قانون 24 ايار سنة 1949”. لذلك، لا بدّ لنا، ومن أجل فهم هذا النص، من العودة إلى النظام النقدي الذي كان سائداً في لبنان كي نتمكن من معرفة الهدف من وجود هذا السعر الانتقالي القانوني.

      بعد استقلال لبنان والقطيعة الاقتصادية مع وسوريا، صدر القانون الوحدة النقدية في 24 أيار 1949 الذي نصّت مادته الأولى أنّ “الوحدة النقدية هي “الليرة اللبنانية” التي تساوي قيمتها 405,512 مليغرام من الذهب الخالص، وهو المعدل المصرح به لصندوق النقد الدولي وتقسم الليرة اللبنانية إلى مئة قرش”. لكن هذا القانون لم يكن يعني إمكانية استبدال النقد الورقي بما يعادله من الذهب وفقا للقيمة الجديدة التي تم تحديدها بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي إذ أنه حصر استخدام سعر الصرف المحتسب وفقا للقيمة الذهبية القانونية لليرة في بعض المعاملات الرسمية، بينما قامت الدولة، ومن أجل تعزيز تغطية الليرة اللبنانية، بشراء الذهب من السوق المحلي بسعر يفوق السعر الرسمي، ما أثار حفيظة صندوق النقد الدولي الذي اعتبر أن وجود أكثر من سعر صرف يشكل انتهاكا لنظامه الذي يمنع القيام بأمر مماثل من دون الحصول على موافقة الصندوق .

      شكّل وجود سعر صرف رسميّ لا يطبّق فعلياً إلا نادراً وسعر صرف حقيقيّ سبباً لحصول خلل في طريقة احتساب تغطية النقد اللبنانيّ. فقد فرض قانون 1949 أن يدخل الذّهب في عناصر التغطية ما يعني ضرورة اعتماد السعر الرسميّ للذّهب من أجل احتساب نسب التغطية. ولما كانت الدولة اشترتْ الذهب أكثر من مرّة بسعر أعلى من سعره الرسميّ، كان لا بدّ للخزية من تحمّل هذه الخسارة الأمر الذي جرى تنظيمه بموجب المرسوم رقم 15105 تاريخ 27 أيار 1949 الذي نصت مادته الثانية على التالي: “إن الذّهب -مسكوكاً كان أو سبائك ذهبية- الداخل في التغطيّة يجب أن يُقيّد دائماً في حساب يدعى “ذهب التغطية” بالسعر الرسمي الرائج الذي يجب ان يعادل وزن الليرة اللبنانية بالذهب الخالص كما قبله صندوق النقد الدولي. إذا دخل في التغطية أو سحب منها ذهب مُشترى أو مُباع بسعر آخر، فإن الفرق بين قيمة هذا الذهب بالسعر الرسمي وبين قيمة مشتراه أو بيعه، بعد إضافة جميع النفقات أو حسمها، تستفيد منه الخزينة اللبنانية أو تتحمّله، ويقيّده المصرف فوراً للخزينة المذكورة أو عليها في حسابٍ خاصّ لا ينتج فوائد”.

      إنّ هذا الخلل الذي يؤدّي إلى وجود حسابٍ خاصّ فيه خسائر الدولة بسبب الفرق بين السعر الرسمي لليرة وسعر شراء الذهب الحقيقي هو الذي يفسّر لنا الأحكام الجديدة التي نصّ عليها قانون النقد والتسليف والذي تمّ بموجبه تأسيس مصرف لبنان ومنحه حقّ إصدار الليرة اللبنانية. فخلافاً لقانون 1949 الذي حدّد قيمة الليرة بوزنٍ محدّد من الذهب، نصّت المادة الثانية من قانون النقد والتلسيف أن قيمة الليرة اللبنانية تحدّد بالذهب الخالص بقانون دون تعيين ما هو المقدار الفعلي لهذه القيمة. وفي انتظار صدور هذا القانون، نصّت المادة 229 على منح وزير المالية صلاحية كيفية احتساب سعر رسمي انتقالي لليرة على أن يكون أقرب ما يمكن من سعر الدولار في السوق الحرة في بيروت المحدد بدوره بوزن ثابت من الذهب الخالص. وبالفعل، أصدر وزير المالية القرار رقم 4800 تاريخ 30/12/1964 الذي نصّت مادته الأولى على تحديد السعر الانتقالي القانوني لليرة اللبنانية نسبة للدولار الأميركي “بمعدل ثلاث ليرات لبنانية وثمانية قروش لكل دولار أميركي”، في حين نصت المادة الثانية على التالي: “تُحدّد أسعار العملات الأجنبية بالعملة اللبنانية من أجل استيفاء الضرائب والرّسوم على أساس السعر الانتقاليّ القانونيّ المذكور في المادة الأولى بعد تحويل هذه العملات إلى دولارات أميركية على أساس معادلاتها بالذهب المعلن عنها لصندوق النقد الدولي”.

       وفي سنة 1973، بعدما قرّرت الحكومة الأميركية تخفيض قيمة الدولار الأميركي نسبة إلى الذهب، اتّخذ مجلس الوزراء في 21 آذار 1973 قراراً بتكليف وزير المالية تحديد سعر انتقالي جديد. وبالفعل، أصدر وزير المالية القرار رقم 883 في 28 أذار 1973 بحيث نص على أن الضرائب والرسوم التي تستوفيها الدولة وسائر مصالح القطاع العام عن المبالغ المحررة بالعملات الأجنبية تحسب على أساس متوسّط أسعار القطع الفعليّة في سوق بيروت التي تكون قد تحقّقت خلال الفترة المتراوحة ما بين الخامس والعشرين من كل شهر والخامس والعشرين من الشهر الذي يليه”.

      تمّ تصديق[3] هذه الإجراءات بموجب القانون الموضوع موضع التنفيذ بموجب المرسوم رقم 6104 تاريخ 5/10/1973. وفي النهار نفسه تم منح الحكومة بموجب القانون الموضوع موضع التنفيذ بالمرسوم رقم 6105 تاريخ 5 تشرين الثاني 1973 صلاحية تحديد سعر انتقالي جديد للذهب إذ نصّت المادة الأولى على التالي: “ريثما يصبح بالإمكان تطبيق أحكام المادة الثانية من قانون النقد والتسليف، تُعطى الحكومة لمدّة ستة أشهر من تاريخ نشر هذا القانون، صلاحيّة تحديد سعر انتقاليّ قانونيّ جديد لليرة اللبنانية بعد استشارة مصرف لبنان وصندوق النقد الدوليّ”[4]. والظّاهر أن الحكومة لم تستخدمْ هذا القانون كون النصّ الأخير المنشور حول هذا الموضوع هو قرار وزير المالية رقم 883، علما أن موازنة سنة 1985 منحت في المادة 51 منها وزير المالية صلاحية تحديد سعر الدولار لاحتساب رواتب الديبلوماسيين العاملين في الخارج.

      وهكذا يتبين لنا أن سعر الصرف الرسمي يتمّ تحديده بقانون، وأن السعر الانتقالي كان هدفه عدم تحديد قيمة الليرة اللبنانية بوزن ثابت من الذهب لا يستطيع مواكبة تطور أسعار السوق الحرة ما قد يؤدي إلى تحمل الدولة لخسائر كبيرة مع مرور الوقت. وحتى اليوم لم يصدر قانون يحدد قيمة الليرة اللبنانية بوزن ثابت من الذهب بشكل نهائي. وقد أصبح هذا الأمر من الصعب جدا حاليا بسبب تطور النظام النقدي العالمي واختلافه بشكل كبير عن الوضع الذي كان سائدا حين صدر قانون النقد والتسليف إذ تخلت الولايات المتحدة سنة 1971 عن نظام تبديل الدولار الأمركي بالذهب وفقا لأسعار ثابتة ما أفقد هذا النظام الأسس التي كان قائما عليها منذ اتفاقية “برتن وودز” لسنة 1944.

      وبالتالي، يكون كتاب رئيس الحكومة لوزير المالية مخالفا للقانون كون المادة 229 من قانون النقد والتسليف تعتبر بحكم الساقطة بعد انتهاء مفاعيل اتفاقية برتن وودز. هذا فضلا أنه حتى ولو كانت هذه المادة ما تزال سارية المفعول (وهو أمر لا يستقيم منطقيا)، فإن صلاحية وزير المالية تتعلق بسعر صرف الليرة اللبنانية في كل تعاملات الدولة من دون جواز حصرها في الدولار الجمركي بشكل اعتباطي. فلو كان الأمر خلاف ذلك، لكنا في معرض منح وزير المالية تفويضاً دائماً في تعديل التعرفة الجمركية كما يشاء، الأمر الذي يشكل انتهاكاً لصلاحية السلطة التشريعية ولمبدأ التفويض الدوري الممنوح للحكومة مجتمعة كسلطة تنفيذية. والأدهى من ذلك أن كتاب رئيس الحكومة جاء بعض رفض رئيس الجمهورية إصدار مرسوم تعديل التعرفة الجمركية.

      وبناء عليه

      إن مسألة الدولار الجمركي تعيد طرح إشكالية ضرورة اجتماع الحكومة المستقيلة من أجل اتخاذ التدابير الضرورية والطارئة التي تسمح بالحفاظ على مصالح الدولة، وتأمين المقومات التي لا بد منها بغية ضمان استمرار المرافق العامة. فرفع التعرفة الجمركية هو حاجة ماسة في الظروف الراهنة، لا سيما إذا كان من شان ذلك تأمين موارد جديدة للخزينة عبر استهداف المواد والسلع الكمالية. فالاستمرار باعتماد التعرفة القديمة يعني بكل بساطة إن الايرادات المتأتية من الجمارك باتت عمليا بحكم غير موجودة مما يحرم الخزينة العامة من مواردها ويقوض إجراءات حماية المنتوجات اللبنانية ويحول دون تراجع الاستيراد ومعه اختلال ميزان المدفوعات الخارجية. لذلك لا بد للحكومة من الاستفادة من هذه الصلاحية الاستثنائية والاجتماع كي تقرّ المرسوم الضروري بتعديل التعرفة الجمركية، وفق شروط يؤمل أن توازن بين المصالح العامة المختلفة.

      [1]  نصت المادة السابعة من المرسوم الاشتراعي رقم 2 تاريخ 23 أذار 1950 على التالي: “تنتقل إلى المجلس الأعلى جميع السلطات والصلاحيات التي كان يمارسها المجلس الأعلى للمصالح المشتركة”. بينما نص المرسوم الاشتراعي رقم 10 تاريخ 21/11/1950 على أن “يعد المجلس الاعلى التعريفة الجمركية ويضعها موضع التنفيذ فورا على ان يعرضها في مهلة خمسة ايام من تاريخ اعدادها على موافقة مجلس الوزراء”.

      [2]  بات يتم الاكتفاء بتسمية مرسوم بينما قديما كان يتم استخدام تعبير “مرسوم اشتراعي” عندما تقوم الحكومة بتفويض المجلس الأعلى للجمارك التشريع في الحقل الجمركي كالمرسوم الاشتراعي رقم 41 الصادر في 3 شباط 1955. ولا شك ان هذه المراسيم هي مراسيم اشتراعية حتى لو باتت تصنف شكليا وتنشر في الجريدة الرسمية ضمن فئة المراسيم العادية.

      [3]  ان اضطرار الحكومة إلى تصديق هذا التدابير بقانون (الأمر الذي تم فعليا بمرسوم يضع موضوع التنفيذ القانون عملا بالمادة 58 من الدستور) يشي بأن قرار مجلس الوزراء ووزير المالية كانا يحتاجان لتغطية قانونية كون الحكومة لا تملك مثل تلك الصلاحية.

      [4]  وقد نصت المادة الثالثة على إمكانية تفويض الحكومة هذه الصلاحية لوزير المالية. إن تحديد هذا القانون المنفذ بمرسوم لفترة ستة أشهر يحق خلالها للحكومة تحديد سعر انتقالي جديد لليرة يعني أن المادة 229 من قانون النقد والتسليف لا تصلح كتفويض دائم لوزير المالية كي يحدد هذا السعر.

      المرفقات:
      You must be logged in to view attached files.
المعاينة 0 الرد المواضيع
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

CONTACT US

We're not around right now. But you can send us an email and we'll get back to you, asap.

Sending

Log in with your credentials

or    

Forgot your details?

Create Account