فسادكم لا علاقة له بالطائفية
  • هذا الموضوع فارغ.
المعاينة 0 الرد المواضيع
  • الكاتب
    المشاركات
    • #16782
      admin admin
      مدير عام

        ذهب الفلاح ليجد في حقله شجرة الحياة ليست ككل الشجر ، أوراقها تعدّدت ألوانها مع أنها نمت على التراب ذاته وارتوت من الماء عينها وأشرقت عليها شمس واحدة ، وعنّفتها الرياح ككل شجر الحقل ، فقرّر الفلاح أن يقطعها ويرميها في النار ظناً منه أنها شجرة ملعونة ، لكنه سمع صوتاً من الأعالي يقول له : مهلاً أنت تقطع أفضل ما عندك من شجر ، إنها ميزة هذا الحقل .

      لقد عصر التاريخ في هذا الشرق جماعات عانقت جبال لبنان وتجذّرت في تربتـه ، إصطدمت فتصارعت ، نزفت جراحها ثم التأمت ، وأخذ التنّوع يتقدّم على التصارع الذي كرّر جولاته لكنه تعثّر ، وتبين أن التنوع ثروة والأنسنة كنز ، وعندما لبست الأنسنة رداء المواطنة كان لبنان الدولة يحكمها الميثاق .

        صحيح أن لبنان الوطن تعثّر قيامه ، كُثر انتموا إليه رغم جهلهم إياه ، عايشوه ولم يفهمـوه ، تبرّأوا من الفساد ونسبوه إلى الطائفية ، تغرّبوا وأرادوا إستحضار الغرب، تعرّبوا فظنوا العروبة ديناً، أما التنوّر والتنوّع والنهضة والمروءة … فليست  إلا مقبلات للوجبات السياسية .

        ثم اكتشـف طـلاب العلمنـة أن الداء يكمن في الطائفية لأن القديـس شربـل ” السكران بالله ”  كان يعتاش من الرشوة ، والإمام علي بنى فلسفته على الصفقات ، وأن عدالة عمر بن الخطاب ليست إلا عدالة في الظاهر فهو لم ينزل حكماً بأحد إلا بعد تقاضي الرشوة ، وأن مار متر لم يكن يحترم شـارات السيـر …

        تساءل الفيلسوف الشهيد كمال يوسف الحاج في كتابه ” فلسفة الميثاق الوطني ” هل قالت الطائفية للموظف أن يحجب حقاً عن مواطن وإذا خلع هذا الموظف رداء الطائفية فهل سيتوقف عن تقاضي الرشوة ، وهل سيزول فساده ؟

      هكذا تغاضى بعض الساسة عن فسادهم فرّدوه إلى الطائفية ، لأنها بنظرهم تعلّم الرشوة والسرقة والفساد … ظنوا أنهم إذا أسقطوا الدولة المدنية من فوق تندثر الطائفية من تحت ، وتنتهي المشكلة ، عندها لا يتقاضى بعض رجال الأمن والإدارة رشوة ، ولا يكتم المالك الثمن الحقيقي لملكيته تهرباً من الضريبة ، وتغيب الصفقات المشبوهة والعمولات ، لأن الحكام سوف ينتعلون تيجان الدولة المدنية التي تُقيهم شرّ الفساد والمفسدين الطائفيين …

        فهل يعلم البعض أن أهم ديمقراطيات العالم على سبيل المثال تحافظ محاكمها العليا على التقاليد السياسية التمثيلية من دون أن يصطدم ذلك بمفهوم الدولة المدنية ؟

      بالله عليكم ، عفواً ، أستحلفكم بمدَنيّتكم ، لا ترحموا الفاسدين إلى أي دين انتموا وإرحموا نضال وإيمان القديسين والأئمة الأطهار الذين أغنوا الإنسانية بأسمى معاني الوجود ، وتعالوا نفصل بين عشقنا للدولة المدنية وبين وفائنا وتقديرنا للكبار منا ، وتعلّقنا بتراثنا وتقاليدنا ، فنعتبر بين الدول المدنية في العالم وتكون ديمقراطيتنا لمحيطنا قدوة .

المعاينة 0 الرد المواضيع
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

CONTACT US

We're not around right now. But you can send us an email and we'll get back to you, asap.

Sending

Log in with your credentials

or    

Forgot your details?

Create Account