فعالية استخدام تكنولوجيا المعلومات في التعليم  من بُعد خلال جائحة كوفيد 19 لمرحلة التعليم الثانوي في لبنان
  • هذا الموضوع فارغ.
المعاينة 0 الرد المواضيع
  • الكاتب
    المشاركات
    • #17496
      Hana Hajj
      مدير عام

      فعالية استخدام تكنولوجيا المعلومات في التعليم  من بُعد خلال جائحة كوفيد 19 لمرحلة التعليم الثانوي في لبنان

      The effectiveness of using information technology in distance education during the Covid-19 pandemic for secondary education in Lebanon

      د. غسان جابر (لبنان)    Dr. Ghassan Jaber (Lebanon)

      ورقة منشورة في : كتاب أعمال مؤتمر العلوم الاجتماعية ودورها في بناء الأمم ونهضتها 2022 الصفحة 73.

      ملخص:

      تسعى هذه الدراسة إلى التعرف على واقع التعليم خلال جائحة كوفيد 19، وتتناول دور وفعالية استخدام تكنولوجيا المعلومات في عمليات التعليم عن بُعد في لبنان لمرحلة التعليم الثانوي، وتتطرق الدراسة  إلى استطلاع آراء التلاميذ والمعلمين حول التقنيات المستخدمة، والأساليب المعتمدة في عملية التعليم من بُعد، كما تلقي الضوء الدراسة على التحديات التي واجهت المعلمين لناحية البنية التحتية وتدريبهم، وإعداد المحتوى التعليمي الإلكتروني، وكذلك تقويم التعليم عن بُعد، ومخرجات تلك التجربة مقارنة بالتعليم الحضوري، ومدى تحقيق الأهداف والكفايات التعليمية المطلوبة، وقد اعتمد الباحث على المنهج الوصفي التحليلي في سبيل تحقيق أهداف البحث. وتخلص الدراسة إلى تقديم الاقتراحات والتوصيات التي من شأنها الإسهام في تطوير عمليات التعليم عن بُعد، وكيف يمكن تقديم البدائل خلال الأزمات، وكيف يمكن الاستفادة من التجربة لتطوير التعليم العام في لبنان.

      Abstract:

      This study seeks to identify the reality of education during the Covid-19 pandemic with a focus on the role and effectiveness of using information technology in remote education processes in Lebanon for the secondary stage. the researcher relied on the descriptive analytical approach in order to achieve the research objectives. To the purpose of the study, a survey was conducted to capture the perspectives of students and teachers about the technologies used, and the methods adopted in the distance education process, the study shed light on the challenges faced by teachers in terms of infrastructure, training, electronic educational content, as well as evaluation challenge. Moreover, a comparison between the outputs of online teaching and campus education is shown, and the extent of achieving the required educational goals and competencies is explained. The study concludes with presenting suggestions and recommendations that would contribute to the development of distance education process especially as an alternative to campus teaching during crises, and how the experience could be used to develop public education in Lebanon.

      مقدمة

      إن أول  نداء إلهي خاطب به الله سبحانه وتعالى البشرية من خلال الرسول الاكرم محمد (ص) هو: “إقرأ”، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من حث على التدبر والتفكير والتعلم وتطوير القدرات والاستفادة من الموارد المتاحة خدمة للإنسان، ومنذ وقت بعيد قال سيسترو (إن أعظم هبة يمكن أن نقدمها للمجتمع هي تعليم أبنائه)، فالمعلم منذ أن وجد التعليم ما زال يقدم خدمة مهنية لمجتمعه من خلال تمكين التلاميذ من اكتساب مهارات التفكير والنقد والمواطنة والديمقراطية والتسامح وتذوق معنى الحرية وتحمل المسؤولية وغيرها من الغايات والأهداف التربوية ( عواد،ع 96، 2002)1.

      شهد التعليم تطورًا نوعيًا عندما تم إدخال تقنيّات التّعليم والتعلّم عن بُعد منذ زمن بعيد في بعض دول العالم، وأنّه استخدم بهدف تقديم فرصٍ تعليميّةٍ وتدريبيّةٍ وتوعويّةٍ للمعلمين والمتّعلّمين على حدٍ سواء دون الالتزام بوقتٍ ومكان محدّدين.

      إن الانتقال من المناهج التّعليميّة التقليديّة إلى التّعلّم عن بُعد، يحتاج بكل تأكيدٍ إلى عملية تغيير جذري تبدأ بانقلاب جوهري في الاساليب والطرائق والمناهج، والنظر إلى المتعلّم وطريقة عمل المعلّم وآليات التّقويم والكتاب والحقيبة المدرسيّة. وهنا لابد من الإشارة إلى أن الدولة اللبنانيّة غير جاهزة نهائيًا لهذا النّوع من التّعليم حتى الآن، وهي أصلًا لم تعدّ العدّة السّليمة حتى لمواكبة متطلّبات تطوّرات عصر المعلوماتيّة والتّكنولوجيا بشكل عمليّ وبنيويّ،  فضلًا عن أنّ ما نحن عليه أعتمد منذ حوالي ثلاثين عامًا ولكنّه يستند إلى مناهج أجنبيّة عمرها عشرات السّنين.

      ومع انتشار فيروس كوفيد19 بدأ الحديث بفعَالية عن ضرورة اعتماد التعليم والتعلم عن بُعد وذلك للمساهمة في الحد من انتشار الفيروس وثانيًا لمتابعة متطلبات المنهج التعليمي للتلاميذ لعدم فقدانهم للعام الدراسي، حيث تظهر التقارير الصادرة عن معهد اليونسكو للإحصاء بأن أكثر من 1.6 مليار تلميذ وطالب باتوا خارج سور المدرسة، بسبب الاضطرابات الناتجة عن جائحة كوفيد19، أي ما يزيد عن 90% من التلاميذ والمتعلمين في العالم، بما يفوق عن 161 دولة (تقرير اليونسكو، 2020)2.

      وبحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية ولغاية شهر شباط من العام 2021 بلغ عدد الإصابات جراء فيروس كوفيد19 حوالي 103.5 مليون إصابة، في حين بلغ عدد الوفيات حوالي 2240000 ضحية، في 121 بلد في العالم (تقرير منظمة الصحة العالمية، 2021)3.

      أولاً- أهمية البحث:

      يحظى هذا البحث بأهمّية كبيرةً لكونه يتطرق إلى قضية أساسية وهي التعليم في ظل جائحة كوفيد19، ذلك لأن العملية التعليمة التي تتعرض لاضطرابات لم تشهدها منذ مئة عام، أي خلال تفشي جائحة الإنفلونزا عام 1919، حيث لم يتوقف التعليم بشكل شبه تام خلال الحرب العالمية الأولى والثانية. وعليه يسعى الباحث في هذه الدراسة الى معرفة واقع التعليم الثانوي خلال جائحة كوفيد 19، ومدى فعالية استخدام تكنولوجيا المعلومات في عملية التعليم عن بًعد.

      وتكمن أهمي البحث لكونها ستلقي الضوء على الآليات المتبعة في التعليم عن بُعد، وما نوع الوسائل التكنولوجية المستخدمة لتقديم الخدمات التعليمية، كما يستعرض الباحث للبرامج والمنصات المعتمدة في التعليم عن بُعد، ويناقش البحث التحديات التي واجهت المعلمين والتلامذة خلال عملية التعليم، إن لناحية الإعداد والتأهيل وتحضير المحتوى الإلكتروني، وإن لجهة تمكين التلاميذ من الوصول إلى الغايات والأهداف التربوية والتعليمة، ويلفت النظر البحث إلى آليات الإشراف التربوي، وجهوزية البنى التحتية، وصولاً إلى تقويم العملية التعليمية عن بُعد بكل جوانبها. هذا ويخلص البحث بعد تحليل البيانات والمعلومات المتوفرة من خلال استطلاع آراء التلاميذ والمعلمين إلى تقديم الاقتراحات والتوصيات التي من شأنها الإسهام في تحسين التعليم عن بُعد، وتقديم الحلول لسد الهوة بين متطلبات التعليم الحقيقية وواقع التعليم خلال جائحة كوفيد 19.

      ثانياً- أهداف البحث:

      مما لا شك فيه بأن جائحة كوفيد 19 التي فرضت نفسها على العالم بأجمه، شكلت تحدياً كبيراً أمام النظام التعليمي العالمي، ولحسن إدارة العمليات التعليمية كان لابد من استخدام بدائل عن التعليم الحضوري، ولأجل ذلك تم استخدام ما يعرف بنظام التعليم عن بُعد، سيما وأن هذا النوع من التعليم يعتمد في كثير من دول العالم، وفي بعض المستويات التعليمة، وفي الحالات الخاصة والظروف الاستثنائية، فيما لم يكن متداول في كثير من الدول أيضاً، وخاصة إن هذا النوع من التعليم يحتاج إلى بنية تحتية، ومناهج الكترونية، ومنصات تفاعلية، وتدريب للمعلمين والمتعلمين على استخدام الوسائل المعتمدة في عمليات التعليم عن بُعد، وعليه تكمن أهداف البحث فيما يلي:

      التعرف على واقع التعليم عن بُعد خلال جائحة كوفيد19 لمرحلة التعليم الثانوي في لبنان.

      التعرف إلى الوسائل والتقنيات المستخدمة في التعليم عن بُعد.

      التعرف إلى التحديات التي واجهت المعلمين خلال عملية التعليم عن بُعد.

      التعرف إلى التحديات التي واجهت التلاميذ خلال فترة التعليم عن بُعد.

      التعرف على مدى تدريب المعلمين ومعرفتهم بتقديم التعليم من بُعد، باستخدام وسائل التكنولوجية الحديثة.

      التعرف إلى آليات الإشراف التربوي التي اعتمدت من الجهات العليا، وكذلك عمليات التقويم.

      التعرف إلى مدى تحقيق الغايات والأهداف والكفايات التربوية خلال عملية التعليم عن بُعد.

      ثالثًا- منهج البحث:

      يعمد الباحث إلى اعتماد المنهج الوصفي التحليلي نظراً لملائمتهما لغرض البحث.

      المنهج الوصفي: يعتمد على دراسة الواقع، أو الظاهرة كما توجد في الواقع، ويهتم بوصفها وصفاً دقيقاً ويعبر عنها تعبيرًا كيفياً (كيف) أو كمياً (كم) (طباجة، 2003-2004، 84)4.

      المنهج التحليلي: هو تجمع لعناصر، أو وحدات في شكل واحد، أو كل واحد، أو مجموعة حوادث بينها تبادل داخلي كبير وصلات وثيقة، أو مركب من العناصر بينها علاقات بالتبادل، أو مجموعة من الأشياء بينها علاقات (طباجة، 2003-2004، 97)1..

      رابعاً – مجتمع البحث وعينته:

      مجتمع البحث هو أساتذة وتلاميذ مرحلة التعليم الثانوي في لبنان، استخدم الباحث الاستبيان كأداة لجمع البيانات الضرورية للبحث، حيث تم توجيه استبيان الكتروني إلى الأساتذة والطلاب عبر مؤسساتهم التربوية وقد بلغ عدد الاستبيانات المعتبرة (3388)، هذا وقد تم حذف الإجابات الغير مشمولة بموضع البحث، وهي موزعة كما يبين الجدول رقم (1).

      خامساً- إشكالية البحث:

      مما لا شك فيه بأن تداعيات جائحة كوفيد 19 أرخت بظلالها على كافة جوانب الحياة، ورغم مرور سنة على انتشار الفيروس عالمياً، إلا أن كافة الحكومات والشعوب تترقب بحذر شديد الإجراءات الوقائية وما إذا كانت ستؤدي إلى السيطرة على الجائحة أم أن العالم سيشهد لها مضاعفات قد تكون أشد خطورة على المواطنين، وأمام هذا المشهد المخيف يقف أرباب التربية والتعليم أمام مشرحة الواقع التعليمي خلال الجائحة، وما هي الإجراءات التي يجب إتباعها لمتابعة واستكمال المناهج التعليمية، وتمكين التلاميذ والطلبة من الأهداف والغايات والكفايات التعليمية، وذلك انطلاقا من الحفاظ على صحة المعلمين والمتعلمين من جهة، وتأمين سلامة العملية التعليمة ومخرجاتها، وهنا نطرح الإشكالية التالية:

      ما هو واقع استخدام تكنولوجيا المعلومات في التعليم عن بُعد خلال جائحة كوفيد 19 لمرحلة التعليم الثانوي في لبنان؟

      وللإجابة على السؤال الرئيسي يمكن طرح التساؤلات التالي:

      هل تم تهيئة وتدريب المعلمين والتلامذة على استخدام الوسائط التكنولوجية للتعلم من بُعد؟

      هل استطاعت الإدارات العليا تحضير المنج التعليمي الكترونياً؟ ويراعي كافة الأهداف التعليمة؟

      كيف استطتع المشرفون التربويين القيام بأدوارهم الإشراقية عن بُعد؟ وكيف تم التأكد من مدى تحقق الأهداف التعليمية؟

      ما مدى نجاح نظام التعليم من بُعد مقارنةً بالتعليم الحضوري؟ وهل يمكن اعتماد هذا النهج بعد جائحة كوفيد19؟ وماذا عن التعليم المدمج؟

      هل استطاع أسلوب التعليم من بُعد تحقيق نفس الفعالية في كافة مراحل التعليم ومستوياته؟

      سادساً- مفهوم التعليم عن بُعد، ودور التكنولوجيا في التعليم:

      أ‌- تعريف التعليم عن بُعد:

      نظرًا لأهمية التعليم المستمر حاولت المجتمعات البحث عن صيغ جديدة للتعليم تعتمد على المتعلم نفسه، والتعلم مدى الحياة لتمكين أكبر عدد ممكن من الأفراد وتلبية احتياجاتهم التعليمية والمهنية دون التقيد بمكان وزمان معينين. فبحسب اليونسكوالتعليم عن بُعد، هو عمليه نقل المعرفة الى المتعلم في موقع إقامته أو عمله بدلاً من انتقال المتعلم الى المؤسسة التعليمية، وهو مبني على أساس إيصال المعرفة والمهارات والمواد التعليمية إلى المتعلم عبر وسائل وأساليب تقنية مختلفة، حيث يكون المتعلم بعيداً أو مفصلاً عن المعلم أو المنفذ للعملية التعليمية، وتستخدم التكنولوجيا من أجل ملء الفجوة بين الطرفين بما يحاكي الاتصال الذي يحدث وجهً لوجه.

      اذاً التعليم عن بعد ما هو إلا تفاعل التعليمية يكون فيها المعلم والمتعلم منفصلين عن بعضهما زمانياً ومكانياً أو كلاهما معاً (تقرير منظمة الأمم المتحدة، 2020)2.

      ويوجد خطأ شائع في اعتبار أن التعليم عن بُعد هو مرادف للتعليم عبر الإنترنت، وفي واقع الأمر فإن التعليم من خلال الإنترنت هو أحد وسائل التعليم عن بُعد و لكن نظرا لانتشار الأول فإنه اعتبر في أحيان كثيرة مرادفا للتعليم عن بُعد.

      ب‌-  تاريخ التعليم والتعلم عن بُعد:

      يعود تاريخ التعليم والتعلم عن بُعد الى أكثر من قرن حيث بدأت جامعة شيكاغو في أمريكا عام 1892  بإيصال الدروس التعليمية الى الطلبة عبر الرسائل البريدية. بعد ذلك انتقلت عملية التعليم عن بُعد من خلال الاذاعات التي لاقت نجاحًا باهرًا، ليسجل بذلك العام 1921 انضمام مدرسة تعليمية جديدة بعناصر مبتكرة. وبعد مرور حوالي نصف قرن أي في العام 1970 حدثت نهضة حقيقية في ميدان التعليم بشكل عام والتعلم عن بُعد على وجه الخصوص، حيث تبنت بعض الجامعات التعليم عبر أجهزة التلفاز، وهذا ما لاقى رواجًا في الإذاعات العربية والعالمية. أما النقلة النوعية في مجال التعليم والتعلم عن بُعد فقد تجلت من خلال ثورة التكنولوجيا في أواخر تسعينيات القرن الماضي، حيث استطاعت الشبكة العنكبوتية (الانترنت) الدخول كوسيط بين المؤسسات التعليمية والباحثين عن المعرفة والتعلم بأشكالها، حيث لم يعد يقتصر التعلم فقط على الطلاب وإنما غدا اسلوب حياة يلجأ اليه كافة الراغبين بالبحث والتعلم ومدى الحياة (أوذكر سينغ، مجلد18، عدد1، 1988)5.

      ج- شروط ومزايا التّعليم والتّعلّم عن بُعد

      المساواة من خلال المشاركة والتّعبير والتّفاعل وتاليًا حصول المتعلّمين على المعلومات بشكل عادل بينهم وبين اقرانهم.

      السماح للتلاميذ بالتواصل مع زملائهم، ومع المعلمين وإجراء نقاشات وتحفيزهم على طرح المواضيع وتقديم الاقتراحات ووجهات النظر.

      كسر القيود بين المعلم والمتعلم، وجعل التّعليم شيقًا، وعدم حصره في وقت محدد، مع إمكانية تعدد وتنوع الأساليب والتقنيات التّعليمية المنظمة العربية للثقافة، 2003)6.

      يجعل التلميذ في حالة استقرار نفسي، وبيدًا عن الضغط الدراسي من خلال (التقيد بكافة جوانب العملية التّعليمية).

      لا يؤخذ بعين الاعتبار حضور التلاميذ المباشر في الغرف المدرسية.

      أن يتم القدرة على ضبط جودة التّعليم، وإمكانية تقويم تلك العملية من قبل الجهات العليا.

      د- تأثير جائحة كوفيد 19 على التعليم:

      شهد العالم انعطافة كبيرةً جداً على الصعد كافة، حيث تم اكتشاف أولى إصابات فيروس كوفيد19 في 31 كانون الثاني 2019، في مدينة أوهان الصينية، ومنذ ذلك الحين تجهد البشرية بكافة طواقمها الطبية، والتجارية، والعلمية، والتجارية، والصناعية، إلى إيجاد الحلول المؤقتة لتخطي جائحة كوفيد19 ومتابعة ديمومة الحياة جنباً إلى جنب مع تأمين العلاج الناجع لهذا البلاء الذي يهدد البشرية، حيث لم يتعرض النظام الطبي في عصرنا الحالي لمثل هذا الاختبار، وقد أُصيب نتيجة هذه الجائحة لأكثر من مائة وأربعة مليون إصابة ولأكثر من مليونين ومئتان وخمسون ألف ضحية بحسب منظمة الصحة العلمية (منظمة الصحة العالمية، تحديثات 2021)3، كما تشير التقارير الصادرة عن معهد اليونيسكو للإحصاء بأن جائحة كوفيد19 فرضت على أكثر من مليار وستمائة ألف طالب الابتعاد عن الأساليب التقليدية للتعليم، أي عدم قدرتهم على الذهاب إلى المدارس والجامعات، وانطلاقا من هذا الموقف فإن جائحة كوفيد 19 تركت أثاراً كبيرة وتداعيات عدة أمام التعليم (تقرير اليونسكو، 2020)2، نذكر أهمها:

      عدم إمكانية ذهاب المعلمين والمتعلمين إلى المؤسسات التربوية.

      ضعف جودة التعليم، وعدم تمكن المتعلمين من اكتساب القيم والاتجاهات والأهداف التعلمية.

      عدم قدرة المعلمين على القيام بواجبهم عن بعد بالشكل المطلوب، وعدم تفاعل المتعلمين معهم.

      عدم القدرة على القيام بالأنشطة الصفية و اللاصفية للتفاعل بين التلاميذ وإكسابهم المهارات والسلوك الاجتماعي.

      عدم القدرة على تقويم الأداء التعليمي عن بعد بالشكل الموضوعي والعادل.

      الاعتماد على التعليم عن بُعد، يستوجب تحضيرات لوجستية وتقنية وفنية (كتب الكترونية، وجود أنترنت، كمبيوتر أو تابليت، بيئة تعليمية بين المنزل والجهاز الوسيط ومع المعلم، وتدريب للمعلمين والمتعلمين..) وهذه كلها تعتبر من التحديات التي تحتاج لتأهيل وإعداد ومتابعة وتقويم.

      تلعب المدرسة الدور الكبير في عملية تحويل الأطفال خاصة من كائنات بيولوجية إلى كائنات اجتماعية، من خلال التفاعل مع أقرانهم، وهذا يتعذر حصوله عن بعد (الحيلة، 2001)7.

      هـ- دور التكنولوجيا في التعليم عن بُعد في ظل جائحة كوفيد 19:

      تلعب التكنولوجيا دوراً فاعلاً في العصر الحالي خاصة وأننا على مشارف ما يعرف بعصر الثورة الصناعية الرابعة والتي تتعلق (بالذكاء الصناعي)، ومع اجتياح فيروس كوفيد19 العالم، أصبح استخدام التكنولوجيا أمراً غاية بالأهمية في معاملات المجتمعات التجارية، والعلمية، والتسويقية، وهذا ما يعطي أهمية كبيرة لدور وسائل التكنولوجيا في عملية التعليم عن بُعد، وهنا نبرز أهم أدوار التكنولوجيا في التعليم عن بُعد في ظل جائحة كوفيد 19 وهي:

      تسهم التكنولوجيا في تقريب المسافة بين المعلمين والمتعلمين (إسكندر والغزاوي، ط2، 2003)8.

      تسهم في إمكانية تبادل المعارف والخبرات والمعلومات بين المتعلمين والمعلمين.

      تساعد التكنولوجيا في تسهيل عملية البحث العلمي، والنشر، والمشاركة في الندوات والمؤتمرات عن بُعد.

      تساعد وسائل التكنولوجيا على تصميم المحتويات الإلكترونية، والاختبارات، والاستبيانات.

      ساهمت التكنولوجيا بتصميم منصات وتطبيقات الكترونية لتسهيل وتأمين عمليات التواصل والتعليم عن بُعد.

      ساعدت التكنولوجيا في الحد من انتشار فيروس كوفيد19، لأنها سمحت إتمام العملية التعليمة عن بُعد، كما ساهت التكنولوجيا بمضاعفة التسوق الإلكتروني.

      سابعاً – إجراءات البحث الميداني:

      تم إجراء البحث من خلال إعداد أداة البحث بصورة أولية، والتأكد من صدق وثبات الاداة، وإعداد أداة البحث بصورتها النهائية. بعد ذلك توزيع الاستبيان على عينة البحث بواسطة التطبيقات والوسائل التكنولوجية، وقد شارك في الاستبيان 3388 طالب ومعلم، بعد ذلك تم تحليل المعلومات والبيانات وتفسيرها، حيث خلص البحث إلى استخلاص النتائج والتوصيات وفقاً للدراسة الميدانية ونتائجها، هذا وقد جرى تقسيم الاستبيان وفقاً للمحاور التالية:

      المحور الأول: بيانات الطلاب والمعلمين المشاركين في الاستطلاع:

      يظهر الجدول رقم (1)، أن نسبة الأساتذة المشاركين بلغت (20.2%)وهي أقل من التلاميذ حيث بلغت نسبة مشاركتهم (79.8%)، موزعين على القطاع الرسمي بمعدل (59.7%) والقطاع الخاص (36.9%)، كما يظهر الجدول بأن نسبة الذكور بلغت(36.9%) في حين أن أعداد الإناث فاق عدد الذكور بنسبة (63.1 %)، هذا ويشير الجدول إلى أن النسبة الأكبر من المشاركين من التعليم الثانوي بنسبة (63.5%)، يليها المهني بنسبة (24.1%)، بينما المستوى الجامعي بلغ (14.3%).

      ب- المحور الثاني: آليات دعم وتدريب المعلمين:

      يظهر الجدول رقم (2)، بأن العدد الأكبر من المعلمين بنسبة (46.6 %) يرى بأن عملية التدريب لم تنجز بشكلها الكامل، بينما يرى (37.2 %) بأنها أنجزت، في حين أن نسبة (16.2 %) يرى أنها لم تنجز.

      يُظهر الجدول رقم (3)، أن نسبة (38.9 %) من المعلمين يعتبرون بأن مدة التدريب مقبولة، في حين يرى (30.7 %) أنها غير كافية وهي متقاربة مع الرأي الأول، بينما توجد نسبة (22%) من المعلمين بأن التدريب كافٍ. وهذا إنما يدل على أن التدريب لم يكن منظم إن وجد، وقد يكون قد اعتمد أغلب المعلمين على جهودهم الشخصية في عملية التدريب.

      ما هي المجالات التي قمت بالتدرب عليها

      يظهر الجدول رقم (4)، بأن النسبة الأكبر من المعلمين (81.4 %) اعتبروا أن التدريب في مجال استخدام المنصات الإلكترونية كان له الحصة الكبرى، يلي ذلك التدريب على أساليب التعلم عن بعد بنسبة (41.9%)، ثم تحضير الاختبارات بنسبة (31.4%)، وفي النهاية التدريب على إدارة التدريس افتراضياً. وهذا يؤشر بأن تسلسل الأهمية في التدريب يظهر حاجة المعلمين اليه بحسب الأولوية لديهم، ثم تأتي تباعاً المجالات الأخرى.

      ما هي مصادر المحتوى الالكتروني المعتمد من قبلكم؟

      يظهر الجدول رقم (5)، بأن (69.3%) من المعلمين يعتمدون على قدراتهم الذاتية في سبيل تحضير المحتوى التعليمي الكترونياً، وأن ما نسبته (14.9%) يفيدون بأن الإدارة العليا من يهتم بتحضير المحتوى، وهذا إنما يدل على غياب التخطيط العام لتخطي العقبات في مجال التعليم عن بُعد خلال جائحة كوفيد 19 رغم مرور سنة عليها، كما أن التخبط ما زال قائماً ومستمراً لغاية تاريخه.

      ج- المحور الثالث: تقويم التعليم عن بُعد:

      يظهر الجدول رقم (6)، بأن تقويم العلمية التعليمية جرى من خلال التطبيقات الإلكترونية أي بنسبة (37.2%)، ويحتل المرتبة الثانية التقويم الشفهي المباشر بواسطة التطبيقات المعتمد للتعليم عن بُعد، في حين يرى (26%) من المعلمين أنه لم يتم تقويم للعملية التعليمية، وهذا يدل على أن العمليات التعليمية لم يتم قياس مخرجاتها وتقويم الكفايات الأهداف التعليمية بالشكل المطلوب، وهذا ما يجعل العملية التعليمية برمتها في خطر إن لم تؤدي الأهداف المرجوة منها.

      يظهر الجدول رقم (7)، بأن علميات الإشراف التربوي كانت تتم من خلال الاتصال والتواصل عن بُعد بين المشرفين التربويين والمعلمين وقد بلغت النسبة (42.6%)، وان الطريقة الثانية كانت تتم من خلال رفع التقارير بحسب رأي المعلمين والذين بلغت نسبتهم (36.8%).

      يظهر الجدول رقم (8)، بأن الأهداف التعليمية تحققت بشكل جزئي بنسبة (74.3%)، بينما يرى (18.9%) أن الأهداف تحققت بشكل كامل، في حين أن ما نسبته (5.1%) يرى أن الأهداف لم تتحقق عن بُعد.

      يظهر الجدول رقم (9)، بأن (56.8%) من المعلمين يفضلون دمج التعليم عن بُعد بالتعليم الحضوري خلال جائحة كوفيد19، بينما يعارض الفكرة (24%) من المعلمين، في حين أن (19.3%) لا يبدون اهتمام بالفكرة.

      كما يظهر الجدول بأن (55.4%) من المعلمين لا يرون بأن اعتماد فكرة التعليم عن بُعد مشجعة بعد جائحة كوفيد19، بينما يوجد نسبة (24.7%) يشجعون على اعتمادها بعد انقضاء جائحة كوفيد19.

      وهذا إنما يدل على ميول المعلمين للتعليم الحضوري انطلاقا من التجربة الحالية والصعوبات التي تعتري التعليم عن بُعد.

      د- المحور الرابع: التقنيات المستخدمة في التعليم عن بُعد:

      يظهر الجدول رقم (10)، بأن أغلب المعلمين لديهم خبرة في استخدام الأنترنت أي بنسبة (76.1%) بينما ينخفض عند التلاميذ إلى نسبة (48.7%)، وهذا يشكل عائقاً أما اكتمال جوانب العملية التعليمية، في حين أن (20.5%) من المعلمين و(35.2%) من التلاميذ لا يجيدون التعلم مع الأنترنت وهذا أيضاً مؤشر غير جيد لإنضاج عملية التعليم والتعلم.

      يظهر الجدول رقم (11)، نسبة (55.9%) من المعلمين ونسبة (71.7%) من التلاميذ يعتبرون بأن التفاعل مع المعلم عن بُعد ضعيفة، وهذه نسبة كبيرة جداً ومؤشر سلبي إن للعملية التعليمية عن بُعد وإن لمخرجاتها ونتائجها. بينما يعتبر نسبة (21.8%) من المعلمين ونسبة (11.65%) من الطلاب بأن التفاعل مع المعلمين جيدة وهي نسبة غير مشجعة أيضاً.

      الجدول رقم (12): التقنيات المستخدمة في التعليم عن بعد

      يظهر الجدول رقم (12)، بأن التقنيات المستخدمة في التعليم عن بُعد كانت بحسب الأساتذة والتلاميذ متشابهة إلى حد كبير وهي على التسلسل، تطبيق الكتروني نسبة (78.8%) لدى المعلمين ونسبة (67.3%) لدى التلاميذ، يلي ذلك الراديو عند المعلمين ثم وسائل التواصل الاجتماعي لدى المعلمين والتلاميذ. وهذا يدلل إلى أن المجتمع التعليمي من معلمين وتلاميذ يستخدمون إلى حد كبير نفس التقنيات في عملية التعليم عن بعُد.

      يظهر الجدول رقم (13)، بأن المعلمون والتلاميذ يستخدمون برامج متشابهة إلى حد كبير، والنسب المبينة في الجدول تدلل إلى وجود أكثر من خيار لدى نفس الطالب والأستاذ في استخدام الوسيط التعليمي، حيث تبين أن النسبة الأكبر من حصة تطبيق Zoom بنسبة (56.8%) حسب رأي المعلمين وبنسبة (60.7%) بحسب التلاميذ، يليها تطبيق Google Meet بنسبة (56.5%) للأساتذة وبنسبة (46.1%) لدى التلاميذ، في حين أن تطبيق Microsoft Teams حصل على المرتبة الثالثة بنسبة (55.3%) بحسب استخدامات المعلمين وأن نسبة (36.8%) من الطلاب يستخدمون التطبيق.

      يظهر الجدول رقم (14)، بأن التحديات التي واجهت المعلمين والتلاميذ كبيرة جداً وهي تتعلق بخدمات الكهرباء بنسبة (68.2%) لدى المعلمين و نسبة (53.8%) لدى التلاميذ، والأنترنت بنسبة (89.6%) لدى المعلمين وبنسبة (78.9%) لدى التلاميذ، وهاتان المشكلتان يأتيان بالدرجة الأولى، ثم يأتي تحدي بتأمين كمبيوتر أو لوحة ذكية بالدرجة الثانية بنسبة (29.2%) لدى المعلمين) وبنسبة (45.2%) لدى التلاميذ، وهذا يدلل على أمر خطير جداً حيث أن أعمدة التعليم عن بُعد الأساسية هي (الكهرباء- الأنترنت والكمبيوتر)، وفي حال وجود أي خلل بإحدى تلك الوسائل أو التجهيزات فهذا سيؤدي حتماً إلى فشل عملية التعليم من أصلها، ولهذا نفهم من الجدول الأخير لماذا جاءت نتائج الدراسة في بعض مجالاتها سلبية وغير مشجعة.

      ثامناً- الاستنتاجات:

      يخلص الباحث من هذه الدراسة إلى مجموعة من الاستنتاجات أهمها:

      التّعليم عن بُعد وجد ليستهدف طلبة الدراسات العليا والموظفين والراغبين بتطوير قدراتهم التدريبية غير الممنهجة والنظامية، وبالتالي من الصعوبة فرض هذا النظام على المستويات الأدنى من التّعليم الجامعي وذلك لعدم وجود حافز وادراك تام لأهمية التّعليم ولو عن بُعد.

      الحاجة إلى بنية تحتية واسعة وتوفر الأجهزة وسرعةالاتصال بالأنترنت.

      الحاجة إلى تدريب المعلمين والإدارة والطلاب وكل من له علاقة.

      الحاجة إلى تدريب المعلمين مدربين وتوفير متخصصين لإدارة أنظمة التّعليم الالكتروني.

      ينظر المجتمع إلى هذا النوع من التعليم على أنه غير مجدي.

      ضعف التفاعل بين المعلمين والمتعلمين.

      صعوبة تحويل المناهج الورقية إلى رقمية وكلفتها العالية، وعدم وجود برامج تعليمية باللغة العربية.

      صعوبة التّعليم التفاعلي، وعدم العدالة في التقويم، وتعذر أن يبقى التلميذ محور العملية التّعليمية التّعلّمية.

      عدم وجود قوانين تنظم عملية التّعليم عن بُعد.

      والأهم من كل ذلك أن التّعليم والتّعلّم عن بُعد يمكن أن يتحقق لمراحل الدراسات العليا في المجال النظري وليس في المقررات التطبيقية، ولكنه يستحيل ذلك في مراحل ما دون الجامعة، بحيث يتحول إلى عبأ على التلاميذ وأهاليهم وأيضاً على المعلم نفسه.

      تاسعاً- الاقتراحات والتوصيات:

      تعتبر جائحة كوفيد 19 حدثأً عالميا مفاجئاً لكافة الدول، ومع مرور عامها الأول تركت آثراً سلبية كبيرة جداً، خاصة فيما يتعلق بصحة المواطنين وحياتهم، كما أنها شكلت فرصة للتحديات التي أربكت العلم أيضاً، ومن البديهي أن تستمر الآثار السلبية كما الفرص المتاحة، ولكن يبقى أمام الباحثين والعلماء الاستمرار في الكشف عن الحقائق والدراسات التي تعود بالفائدة على المجتمعات، وانطلاقا من هذه الدراسة يقدم الباحث مجموعة من الاقتراحات علها تسهم في تفعيل دور التكنولوجيا في عملية التعليم عن بُعد لمرحلة التعليم الثانوي في لبنان، أهمها:

      ضرورة إعداد وتأهيل المعلمين والمتعلمين لتفعيل التعليم عن بُعد، كماً، ونوعاً.

      ضرورة تصميم المنصات الإلكترونية الأكثر تفاعلية، ليشعر المعلم والمتعلم بأنهم في بيئة تعليمية تفاعلية ونشطة.

      تحسين آليات الإشراف التربوي، ونوعيته، وأساليبه، كما لا بد من تفعيل وتحسين جودة التقويم المستمر والنهائي للعملية التعليمية.

      حث السلطات العليا على اعتماد التعليم المدمج، لكونه يسهم في سد الهوة بين التعليم عن بُعد والتعليم الحضوري.

      على الدولة تأمين الدعم اللوجستي لإتمام العملية التعليمة بشكل تام (أنترنت، كهرباء، لوحة ذكية،..).

      على وزارة التربية التصرف بأن أزمة كوفيد19 قد تطول، وعليه يجب تشكيل خلية أزمة لوضع البدائل واتخاذ القرارات اللازمة، والتفكير بأساليب وطرق مختلفة عن التّعليم التقليدي خاصة خلال هذه الفترة.

      تقليص المنهج التّعليمي، والاستفادة من الأزمة الراهنة لإعادة تقويم المناهج التعليمية بشكل عام.

      إيجاد حلول تعليمية للطلاب المهني، لوجود اختصاصات تحتاج لتطبيقات عملية في المختبرات والمصانع وبإشراف المعلمين.

      وعليه وانطلاقا مما تقدم فإن التّعليم عن بُعد بوضعيته وصورته الحاليتين لا يعتبر هو الحل الأمثل للتعليم كما أنه يشكل عبئا على التلاميذ وعلى أولياء الأمور، إن مثل هذه الخطوة في لبنان بدل أن تصبح فرصة لمتابعة المنهج قد تتحول إلى تهديد لبعض الطلاب خاصة تلامذة المدارس الرسمية لكون المؤسسات الخاصة قد تجد بدائل وأساليب تعليمية تواكب الأهداف والمنهج التّعليمي فيما هنا يفتقد التّعليم إلى المساواة والعدالة، لذا أن تعذر على وزارة التربية تمديد العام الدراسي لفترة تسمح بتغطية المنهج الذي يجب أن يعدل، فإنها بالضرورة يجب أخذ قرارات جريئة تراعي خلالها كافة المخاوف التي تحدثنا عنها في متن هذه الدراسة.

      وهنا نطرح السؤال المستقبلي متى تفرج السلطات العليا عن القوانين التي تساهم في تطوير المناهج التّعليمية؟

      https://jilrc.com/archives/15281

      المرفقات:
      You must be logged in to view attached files.
المعاينة 0 الرد المواضيع
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

CONTACT US

We're not around right now. But you can send us an email and we'll get back to you, asap.

Sending

Log in with your credentials

or    

Forgot your details?

Create Account