هل ينتقل لبنان إلى الاقتصاد “التبغي”؟ أو (هل يكون التبغ نفط لبنان الثاني؟)
  • هذا الموضوع فارغ.
المعاينة 0 الرد المواضيع
  • الكاتب
    المشاركات
    • #14855
      admin admin
      مدير عام

      زراعة التبغ في لبنان وتصنيعه، يدران على الخزينة مبالغ كبيرة من المال. اذ تم تصنيف إنتاج التبغ في لبنان في المرتبة السادسة من حجم المبيعات المحلية، أما موازنة “إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية” (الريجي) فتقدر بـ2,55 في المئة من حجم موازنة الدولة. وتتلقى الحكومة اللبنانية نسبة مهمة من الرسوم الجمركية والضرائب، فيساهم القطاع بتأمين العملات الأجنبية. على سبيل المثال كانت قيمة المبيعات في السوق اللبنانية تبلغ 100 مليون عملية شرائية سنويًا، حيث يباع 14.000 صندوق شهريا. وقد تضاعف هذا الرقم بشكل كبير بعد ارتفاع أسعار السجائر الأجنبية، لتتوّج السيجارة اللبنانية في السوق المحلي بلا منافس، ولكن لا وجود لإحصاءات نهائية لهذا العام.

      ولكن بالدخول في تفاصيل عملية زراعة التبغ ومن ثم بيعه للريجي التي تقوم بتصنيعه إلى علب سجائر وتنباك، أو تصديره إلى شركات التبغ العالمية، سنجد أن الأمر يبدو وكأن المزارعين هم عمال لدى شركة التبغ، فهي التي تحدد لهم أسعار شراء تبغهم، وتحدد لهم مساحة الأرض المزروعة وكمية التبغ التي يمكنهم إنتاجها لكل ألف متر من الأرض، وهي التي تمنح رخص زراعة التبغ للمزارعين، وهي الشركة الحصرية التي يمكنها التصرّف بهذا التبغ، من تصنيعه إلى تجارته واستيراده وتصديره. وهكذا ينشأ الخلاف في الرأي بين المزارعين والشركة، كالذي يحصل في جميع الشركات التي يجد العمال فيها أنفسهم مغبونون من قبل إدارتهم.

      لمحة تاريخية وزراعية

      يعيد البعض زراعة التبغ في لبنان إلى عهد الأمير فخر الدين المعنى. والبعض الآخر يرجعها إلى عهد السلطان العثماني أحمد الأول في العام 1603، ومع وضع لبنان تحت الإنتداب، أدرك الفرنسيون أهمية هذا القطاع، فشجّعوا هذه الزراعة في الأرياف البعيدة لا سيما في المناطق غير المروية. ثم في عهد الرئيس فؤاد شهاب تم وضع القوانين والتشريعات التي تنظّم هذه الزراعة وعمل الشركة المشرفة عليه، والمحصورة بها كل ما يتعلق بالتبغ في لبنان، أي إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية، وإسمها الفرنسي “الريجي”. بدأت الريجي تصنّع السجائر في منتصف الخمسينيات، عندما تم إنتاج السجائر ذات النكهات الشرقية المتعددة، بدءًا بأصناف”EXTRA ” و “First Kind “Tatli” . في منتصف السبعينيات تم طرح  Cedars. كان صنف Cedars  يسيطر على السوق اللبناني، ولا يزال يحافظ على مكانته في السوق اللبنانية بعد عقودٍ على طرحه.

      وتقوم وزارة المالية بتحديد سعر شراء التبغ والتنباك من المزارعين وفقاً لجودته فهو يصنّف في ثلاث فئات: الجيد والوسط والمتدني. وهنا تظهر مطالبات المزارعين الذين يعتبرون أن مخمني أسعار التبغ يقررونها على هواهم أو وفقا لعلاقاتهم السياسية والطائفية بالمزارعين.

      هناك مشكلة الأسعار نفسها التي ما زالت مستقرة على حالها منذ العام 1996 رغم غلاء المعيشة والتضخم في سعر الصرف، وارتفاع أسعار الأسمدة وأجرة العمال. لهذا في كل عام يصدر “اتحاد نقابات العاملين في زراعة التبغ والتنباك في لبنان” بيانات كثيرة وتعقد الاجتماعات والاعتصامات لتحقيق مطالبها من دون أن تلقى آذانا صاغيى من الحكومة اللبنانية ومن الشركة الحصرية.

      إذا كانت الريجي قد حدّدت معدل الإنتاج بـ100 كلغ للدونم الواحد، فهذا يعني أن مزارعاً يملك رخصة لزراعة خمسة دونمات ينتج 500 كلغ سنوياً. وقياساً على معدل الأسعار يكون مجموع ما يحصّله سنوياً أقل من ستة ملايين ليرة، علماً أن موسماً كهذا يتطلّب عمل عائلة بمعدل 5 أشخاص. هذا من دون احتساب أي كلفة (حراثة الأرض وتثليمها، أسمدة، ري…). ولهذا يصف المزارعون اللقمة المحصّلة من زراعة التبغ بالمرّة، كما  أوراق التبغ التي تفرز مادة لزجة سوداء شديدة المرورة تلتصق بالأيدي وتصعب إزالتها.

      في لبنان يزرع التبغ الشرقي والتبغ البري البلدي، والتنباك. والتبغ شرقي غير المروّي، يزرع فقط في لبنان وتركيا وبعض مناطق البلقان، وهو من أجود أنواع التبغ عالمياً، يدخل في تركيبة السيجارة، ويتم تصديره الى الشركات العالمية الأميركية والأوروبية، التي يستورد منها لبنان المصنوعات التبغية.

      والتبغ نبتة من فصيلة الباذنجان. يختلف طول الشتلة ما بين 1,2 و1,8 متر، في حين تنتج الشتلة الواحدة حوالى 20 ورقة.

      الإسم العلمي للتبغ هو نيكوتيانا، وقد سُميت هذه النبتة تيمنا ب”جان نيكوت”، السفير الفرنسي إلى البرتغال، الذي أرسل نبتة التبغ إلى قصر كاترين دو ميديشي في العام 1559 لاستخدامها لأهداف طبية.

      دعم الاقتصاد الريفي

      تحتل زراعة التبغ مكانةً حيويةً في قطاع الإقتصاد الزراعي وتسهم في خلق فرص العمل في مجال الزراعة والتصنيع والتجارة. وزراعة التبغ تقود إلى تصنيع السجائر اللبنانية، التي بدورها تدعم الإقتصاد. وتدوم زراعة التبغ على مدار تسعة أشهر من السنة مما يوفّر فرص عمل لعدد كبير من الأفراد وتساعد على تخفيف البطالة في الأرياف. في لبنان ما يقارب الـ 25 ألف عائلة تستفيد من إنتاج التبغ والتنباك. وهذا ما يساهم في الحدُّ من حركة النزوح من الريف إلى المدينة في بلد يسكن نصف سكانه في العاصمة بيروت وضواحيها. وتؤمّن هذه الزراعة مداخيل ثابتة للمزارعين وتمنحهم شعورا بالاستقرار.

      وتخضع زراعة التبغ والتنباك لنظام الترخيص، الذي يحدد مساحة الأراضي المنوي زراعتها وتوزّعها الجغرافي، إضافة إلى تحديد نوع البذور المزروعة من قبل الإدارة الحكومية المختصّة. وعلى الحاصل على الترخيص أن يكون مقيماً في البلدة المنوي الزراعة فيها، وأن يكون مزارعاً فعليا، ورب أسرة. وأن يكون لديه أرض (ملك او إيجار) بمساحة تعادل المساحة المطلوب زراعتها.

      العملية اليومية

      تمرّ زراعة شتلة التبغ بمراحل طويلة، وتستمر على مدى أشهر السنة. تبدأ المراحل الأولى بإعداد المشاتل في شهر مارس (آذار) مع ما تتطلبه من عناية وبيوت بلاستيكية وأسمدة وأدوية، وبعد ما يقارب من شهرين، حين يبلغ طول الشتلة ربع سم، تُنقل للأرض، وهنا تبدأ المرحلة الأساسية بالزراعة التي تكون في فصل الربيع، ويكون العمل جماعياً يشارك فيه الأطفال والنساء والرجال، وبعد شهرين يُصبح الموسم في أوجه وتبدأ مراحل القطاف.

      وتبدأ مع شهر مايو (أيار) ورشة نقل النبتة من المشاتل وغرسها في الأرض، ما يقتضي توافر يد عاملة تقوم بزراعة الشتول واحدة تلو الأخرى بعد إعداد الأرض بشكل ملائم. من ثم تأتي عملية الري التي تتيح نمو الشتول وثبات جذورها بالأرض. ومع بداية الصيف تبدأ عملية قطف أوراق التبغ، التي تنقل الى أماكن معدّة لذلك، أو الى المنازل، ليبدأ شكّها ورقة ورقة ومن ثم تجفيفها وتوضيبها بانتظار بدء الريجي بتسلّم المحصول.

      أما قطاف المحصول فهو بحاجة إلى صبر كبير لفترات طويلة يتداخل فيها الليل مع النهار.

المعاينة 0 الرد المواضيع
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.

CONTACT US

We're not around right now. But you can send us an email and we'll get back to you, asap.

Sending

Log in with your credentials

or    

Forgot your details?

Create Account